اختلفا حول السعر ثم اتفقا ، لم يعجبْه قولُها عن العطرِ بأنه آخرُ ماتبقى لديها في المحل ، كان ردُّه صادمًا لها، قال لها هذا أسلوبُ تسويقٍ نعرفه جيدًا، لم يحسنْ قراءةَ حديثِها جيدًا، كانتْ صادقةً صدقَ حيائها، أرادَ الاعتذارَ بسرعةٍ ولكنَّ وقْعَ الردِّ كان قاسيًا أقسى مما توقعه ، همَّتْ بإدخالِ زجاجةِ العطرِ أسفلَ المعروضاتِ غيرَ أنه لم يبرحْ مكانه حتى يضعَ حسنةً مكان زَلَّته، سألتْه!! هل تريدُ الدفعَ كاشًا أم شبكة؟ ارتبكَ ووضعَ كلَّ يدٍ في جيبِ القميصِ عن اليمين وعن الشمال، صُعق!! يبدو أنه نسيَ المحفظةَ في سيارتِه المركونةِ في المواقفِ البعيدة، نظرَ في جيبِه العلوي ولكنَّ النقودَ التي به غيرُ كافية، استأذنَها كي يعودَ بعد قليلٍ بعد أن يجلبَ المحفظة، قال في نفسِه لقد حانتِ الفرصةُ لتردَّ له الدَّيْن، توقعَ أن تقولَ له هكذا هم بعضُ الزبائنِ إذا أرادوا الانسحابَ يتحججون بفقدانِ المحفظةِ أو نسيانها،؛ لكنَّ شيئًا من هذا لم يحصل ، قالت لاعليك! تركَها مسرعًا كي يعودَ قبلَ انتهاءِ فترةِ الدوامِ الأولى، عادَ وأنفاسُه تكادُ تخرجُ من بين أضلعه، مدَّ إليها بطاقةَ الصرافِ الآلي كي تسحبَ القيمة، اعتذرتْ مع الأسفِ قائلة : لقد انتهتِ الفترةُ الأولى ولايمكن فتحُ جهازِ الحاسبِ الآلي مجددًا، قال لها والعطر؟! أخرجتْه في كيسٍ من أكياسِ الهدايا، قالت هذا العطرُ هديةٌ من المحلِّ للذين ينسون أمثالك، نظر إلى أسفل ، تمنَّى أن الأرضَ الملساءَ انشقتْ وابتلعتْه ، وعدَها بأن يمارسَ الصمتَ في محلاتِ العطر ، ولن يناقشَها إذا عادَ ثانيةً عن أسلوبها في عرضِ منتجها، قال لها وهو يحملُ الرائحةَ الزكية : هل الهدايا لديكم تباعُ بالكاشِ أم بالشبكة؟ أغلقتِ المحلَّ ولم تردَّ عليه ، خشيَ أن تسحبَ منه العطرَ وأن تقولَ له أنتَ لاتستحقُّ الهدايا.
بقلم أ- محمد الرياني