لاشك بأن العقل من اجل وأسمى النعم التي أنعم بها الخالق سبحانه وتعالى على المخلوق واعني على وجه التحديد الانسان فبدون عقل يكون الانسان الي الحياة البهيمية أقرب فقد يسعى لأكله وشربه وغريزته التناسلية كالحيوان الذي يبحث عن هذه الضروريات الحياتية التي ييسرها الله تعالى له ليبقى وهذه هي الغاية لدواب الارض حيوانات ووحوش وطيور وحشرات تتناسل وتتكاثر وتعيش ، أما الانسان السوي القوي فهذه الامور ليست الا معينات له ليقوم بواجباته التي خلق من إجلها كعبادة الخالق وطاعته قال الله تعالى ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) الاية فقد خلق الله الانسان لعبادته وهو سبحانه وتعالي غني عنه ولايضره شيئاً ولو لم يعبده أحد ولاينفعه سبحانه عبادة الخلق جميعاً فالنفع والضر متعلق بالانسان وحده في حياته الدنيا ومافيها من حياة سعيدة وعيش رغيد وصحة ومال وولد وصاحبة .
او شقاوةوكبد ونكد وكدر وما يتخلل هذه الحياة من تحديات ومنغصات ومشكلات من فقر ومرض وخوف وظلم وتعدي وتجني .
وفي حياته الابدية السرمدية الدار الاخرة وما فيها من حسن خاتمة وفرح وسرور ومالاعين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر من النعيم المقيم في جنات النعيم .
ومافيها من الحسرة والندامة وسوء الخاتمة في نار حرها شديد وقعرها بعيد وطعام اهلها الزقوم وشرابهم العصارة والصديد .
قال تعالى ( كل نفس بما كسبت رهينة) الاية .
ثم يأتي بعد ذلك أهداف وغايات نبيلة لخلق هذا الانسان فهو لم يخلق عبثاً ولن يترك هملاً فقد أنزل من الجنة الي الارض وأمر بعمارة الارض وإقامة العدل فيها وأُعلم بأنها دار ممر وليست دار مستقر فقد نزلها وهو راحل منها لا محالة متحمّل على كاهله كل ماعمل فيها من خير وشر ومحاسب به ومجازا ، فإما الي بيت في الجنة لاتعب فيه ولا نصب وإما الي جهنم وبئس المصير قال الله تعالى(وهديناه النجدين ) الاية .
وقال تعالى(فريق في الجنة وفريق في السعير)الاية
فكما يرى كل ذي لب وبصر وبصيرة أحوال الناس في هذه الحياة الدنيا فمنهم من هدي واهتدي الي الطريق المستقيم وتمسك بسلوكه دون ان ينظر الي التحويلات التي تعترض مسار ذلك الطريق سواء كانت تحويلات أختيارية أو إجبارية فقد أمتلكه حب السير الي الامام والى الهدف الاسمى المنشود وسيصل بإذن الله تعالى كل تقي نقي صاحب مبدأ وحق وصاحب الحق معان بتوفيق من الرحمن .
ومن الناس من اختار الطريق المعوجّ الذي لايعرف له اتجاه فمن رداءة المسارات الي الحفر والمطبات الي كثرة الانعطافات والتحويلات والتي لاتخلو من الغبار والمخلفات فهو للمسار عاكس وعن الطريق السوي ناكس وللحياة مشاكس فأنى يستقيم له طريق أو يهدأ له نعيق اويخلص له صديق مادام مع هذا الفريق قال تعالى ( وفريق في السعير) الاية .
فياليت شعري من منا مع أولئك الذين نجحوا بأمتياز وأجادوا الاجتياز ولهم في ماوصلوا اليه إعتزاز فهنيئاً لهم النجاح بإمتياز ومبارك لهم الاجتياز وفخرلهم الإعتزاز .
أومع هؤلاءالذين أخذ في مجامع قلوبهم زخم المغريات وبريق الملهيات وتداعي الملذات فتشعبت بهم المتاهات فأصبحوا في غيهم سادرين وللأجتياز غير قادرين ولما وصلوا اليه نادمين فلانجاح لهم الا ان يرعووا ولا اجتياز الا ان يفيقوا ولا عزة لهم الا بتزكية نفوسهم وأطرها على سلوك الطريق المستقيم .
ولاشك ان حرية النفس في الاختيار بين هذا المسلك وذاك وعدم أطرها على سلوك الطريق السالك يؤدي بها الي المهالك فمن اراد النجاة فلابد ان تكون نفسة له مملوكة وهو لها مالك ومن كان عكس ذلك فهو لامحالة هالك .
والناس في ذلك على مسافات متفاوته بين السلامة والندامة فماذا لو فرضت غرامة على من فارق الاستقامة ووضعت جائزة لكل نفس فائزة فأعتقد بل أجزم بأن الجل ان لم يكن الكل سيهربون من الغرامات الي الجوائز والاعطيات .
عجب لهذا المخلوق الذي يحرص على جوائز الدنيا بشغف منقطع النظير وعند الحصول عليها يكاد من الفرح يطير
ويتمنى على الله الاماني في جوائز الاخرة وهو عنها غافل وبالعمل من أجلها ليس بحافل .
اللهم سلم سلم واجعلنا ممن إجتاز وفاز وعلى رضى ربه حاز .
والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه/بقيش سليمان الشعباني
الخرج/ ١٤٤٥/٥/١٧هـ