شدني ولفت انتباهي مقطع صوتي يتم تداوله بوسائل التواصل الاجتماعي بصوت الدكتور والعالم النفسي الكويتي(بشير الرشيدي)وفقه الله تعالى وامده بالصحة والعافية والذي تكلم به عن تجربته مع الكراهية وكيف تخلص منها وذلك بالإفادة من علمه الذي أكتسبه وبتفعيل محتواه مما كان ينبغي من كل عالم ويجب عليه والدكتور بشير عرف عنه ذلك بالاستفادة من علمه في مجال علم النفس وتطبيقه على أرض الواقع عندما تعرض لمواقف قاسيةعلى النفس والبدن من إيذاءت ومضايقات سببت له ضغوطاً نفسية وآلاماً جسدية لاتحتمل وذلك بعد احتلال وطنه الكويت من قبل العراق ذلك الاحتلال الذي ماكان ليخطر على باله وقد كان حين الاحتلال يتواجد بالولايات المتحدة الأميركية وقد قرر العودة الي الوطن رغم الاحتلال وما عمله من فضائع فغامر حسب قوله بالمجيء الي الكويت بعد تسعة عشر يوما من الاحتلال بقرار فردي ودخلها ومكث بها وقد تم اعتقاله ست مرات في الكويت ثم أخذ في المرة الاخيرة الي العراق لسجنه هناك وتنقل بين سبعة سجون إمعانا بالتعذيب مع المضايقات الصوتية وغيرها مما يندى له الجبين ثم بعد تحرير الكويت أطلق سراحه فعاد الي بلاده .
وكل ما سبق اثقل كاهله وأوغر صدره وملأ قلبه حقدا وكراهية لكل مايمت لهذه الاحداث بصلة وبعد فترة من زوال العدوان وانقشاع الغمة وأمكانية إعمال العقل والضغط على النفس لتخفيف آثار ماحدث ونسيان تبعاته وقد طرح على نفسه هذا السؤال : هل من حق تلك الاحداث المؤلمة المؤسفة رغم زوالها أن تستمر آلامها المعنوية والنفسية وذكرياتها المحزنة الموجعة وما أوجدته من كراهية ؟
وكان الجواب : بشكل عام يحتمل الايجاب والسلب ولكن مع الدكتور بشير لم يستمر تأثير تلك الاحداث الا قليلاً من الزمن عاش فيها كغيره ممن اكتوى بنار تلك الاحداث وعانى منها في حاله وماله وعياله وحياته كلها .
أما كيف تخلص من الكراهية التي دخل فيها مع الاحداث ليخرج منها بعد انتهاء الاحداث؟
يقول الدكتور وهو يقدم درسا لكل من يعاني من الكراهية لأي أحد نتيجة مواقف او احداث
سلبية وقعت سواءً باقية أوانتهت .
يقول ماحدث لي من اعتقالات وسجن وتعذيب ادخل في قلبي شحنة سلبية من الكراهية للاحتلال والقائمين عليه وكل من تسبب في تعذيبي ثم بعد أن هدأت نفسي قليلا واصبحت مهيأة للحوار معي رايت أن الكراهية التي بقلبي واثقلت كاهلي وقضت مضجعي أنا الذي بنفسي قررت في ادخالها الي قلبي ولم يحس بها اي من دولة الاحتلال ولا جيشها ولا رئيسها وانا السبب في استمرار هذا الشعور ومعاناتي منه وتدهور صحتي وحالي بسببه فبادرت بالحوار مع نفسي وخرجت من الحوار بأن الاحتلال وجيش الاحتلال ورئيس دولة الاحتلال جميعهم لايعرفونني ولا اعرفهم عرفا شخصيا وجميعهم لايعلمون عن كراهيتي لهم لا من بعيد ولا من قريب ويقول دام الحوار مع نفسي ثلاثة أشهر لاتفق معها بأنه لا داعي لكراهية تدمي القلب وتجرح الضمير وتمرض النفس والطرف الاخر لايعلم شيئا عن معاناتي من هذه الكراهية التي أكتسبتها بمحض ارادتي وقلت لنفسي مادام الحال كذلك فلماذا المعاناة التي انا سببها وانا ضحيتها وانا المكتوي بنارها وحدي وتبعاتها وضررها على حياتي وصحتي وتفكيري فعزمت على التخلص منها وبالفعل لم اعد أكره احدا ابدا ويقول نتيجة ذلك أنه عندما قتل رئيس العراق لم افرح ولم احزن وكأن الامر لايعنيني بشيء لتخلصي بالفعل من كل مايذكرني بما مر بي مما اراح نفسي ووسع صدري وأقبلت على التمتع بحياتي دون منغصات ومكدرات لا فائدة ترتجى منها
وقد اجاد الدكتور بشير في شرح طريقته التي انتهجها ونجح ووصل الي الهدف المنشود وياله من درس ألقاه الدكتور بشير الرشيدي بإجادة تامة ومعاني هامة وفائدة عامة .
ولاشك بان الكراهية سلوك عكسي أختياري يكتسب بين الليلة واليوم يؤثر بالنفس تاثير السموم وهو خلق مذموم وجالب للنكد والهموم ويقوض العزوم ويمنع التقارب مع القوم بدايته لؤم ووسطه شؤم ونهايته بين ظالم ومظلوم .
والكراهية والحقد صنوان وهما والحسد أخوان وضد إنسانية الانسان من سلم منهن غنم ومن ابتلي بهن ندم .
إذا الكراهية عطب وعلى قلب حاملها نار في حطب لايخبو أوارها ولاتنطفي نارها ولايحتمل شرارها وقودها صحته وذبيحها روحه وخسارتها سعادته فما بالكم اذا أقترنت بالتوأمين الحقد والحسد تثقل القلب وتوأجج الضمير وتضيق الصدر وتكدر العيش وماذا بعد؟
الخنوع لها عذاب وتنميتها خراب ومحاربتها شجاعة والخلاص منها فوز وأنتصار وعودة لطريق الصواب وتصالح مع النفس والمبادي والاخلاق ومع الاخرين وتعايش مع حلاوة الحياة والبر والصلة والود .
اللهم اهدنا لمحاسن الاخلاق وسلامة القلب وراحة الضمير والحب في الله تعالى
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
كتبه/بقيش سليمان الشعباني
الخرج / ١٤٤٦/٦/١ هه