الإثنين, 2 شوّال 1446 هجريا, 31 مارس 2025 ميلاديا.
مواقيت الصلاة

مواقيت الصلاه بحسب التوقيت المحلى لمدينة المدينة المنورة ليوم الاثنين, 2 شوّال 1446هـ

الفجر
04:56 ص
الشروق
06:15 ص
الظهر
12:26 م
العصر
03:54 م
المغرب
06:38 م
العشاء
08:08 م

الموجز الأخبار ي »»

المشاهدات : 11461
التعليقات: 2

موسى: نداء التوكل وطلب السند

موسى: نداء التوكل وطلب السند
https://www.alshaamal.com/?p=289516

حين وقف موسى على شاطئ البحر، والأمواج تُزمجر أمامه، وجنود فرعون تُلاحقه من خلفه، لم يصرخ طالبًا النجاة، بل ألقى بيقينه بين يدي السماء: «قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ» (الشعراء: 62).

لكن هذه اللحظة العظيمة لم تُلغِ حاجته الإنسانية إلى سندٍ بشري. فقبل ذلك، حين كلّفه الله بمواجهة فرعون، لم يقل: “أنا كفيل برسالتك وحدي!”، بل توسل: «وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي» (طه: 29-31).

 

لقد فهم أن الرسالة تحتاج إلى قلبين يتقاسمان الثقل؛ قلبٌ يُلهِمُ بالكلام، وقلبٌ يُذَكِّرُ بالغاية. هكذا كان هارون: لسان الصدق الذي يُترجم اليقين إلى كلمات، والساعد الذي يُمسك العصا حين ترهق يدا موسى.

* * *

محمد ﷺ: الوحي يُولد.. والقلب يرتجف!

عاد النبي ﷺ من غار حراء مرتجفًا، يطلب من خديجة أن تُلَفَّه بالثياب، كأنما أراد أن يختبئ من ثقل اللحظة. كان يشبه موسى حين قال:

«رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ» (القصص: 33).

لكن الفارق أن موسى هرب من فرعون إلى مدين، بينما محمد هرب من رهبة الوحي إلى حضن خديجة. هنا، لم تكن الزَّمْلَةُ حاجزًا بينه والحقيقة، بل جسرًا يعبر منه من عالم البشر إلى عالم النبوة.

لقد حوّلت خديجة رعشته إلى طمأنينة،

وصار همسها: «والله لا يُخزيك الله أبدًا»
أولَ تصديقٍ أرضي للوحي السماوي.

* * *

خديجة: السند الذي سبق الإيمان

قبل أن تُعلن خديجة إسلامها، كانت قد آمنت بمحمد الإنسان؛ بصدقه قبل نبوته، ورحمته قبل رسالته. حين قال لها: «لقد خشيت على نفسي»، لم تستغرب ولم تستخف، بل قرأت تاريخه كله في عينيها: «إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلّ…». لقد كانت “هارونية” خديجة فريدة؛ فهي لم تكن مجرد ناطقة باسمه، بل كانت مرآةً تعكس له صورته الحقيقية حين تشوّشت رؤيته.

وكما كان هارون حلقة الوصل بين موسى وقومه، كانت خديجة حلقة الوصل بين محمد وذاته.

* * *

أبو بكر: التصديق الذي اخترق حاجز الزمن

 

حين صعد النبي ﷺ إلى السماوات السبع، وعاد ليخبر الناس بالإسراء والمعراج، تحول التصديق إلى اختبارٍ عظيم. فالمعجزة لم تكن في رحلة الجسد، بل في رحلة القلب. أبو بكر، الذي لم يرَ النبي ليلتها، لم يسأل عن الدليل، بل قال: «إن كان قال فقد صدق». هذه الجملة حوّلت “الصدّيق” من تابعٍ إلى شريكٍ في الرسالة، تمامًا كما حوّل هارون عصا موسى إلى أفعى تبلع السحر.

وفي غار ثور، لم يكن أبو بكر مجرد رفيق هجرة، بل كان السراج الذي أضاء ظلمة الغار بيقينه: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟».

لقد فهم أن السند الحقيقي ليس في القوة العددية، بل في القوة الإيمانية.

* * *

الخلاصة: هارونك.. سؤالٌ يبحث عن معنى لا عن شخص!

الدرس الأعمق من حكايات الأنبياء ليس في البحث عن “هارون” يُشبهك، بل في فهم أن :

السند الإلهي يتنزل بأشكالٍ لا تُحصى:

– قد يكون زوجةً تُحوِّل رجفة الخوف إلى دفء الإيمان.
– أو صديقًا يرى فيك ما لا تراه في نفسك.
– أو يقينًا داخليًّا يجعلك تقول: «حسبي الله» حين ينقطع الحبل.

لكن المهم أن تدرك أن الله يضع “هارونك” في اللحظة التي تظن فيها أنك وحيد، تمامًا كما شق البحر لموسى بعد أن استغرق في التوكل، وكما جعل من غار ثور مدرسةً لتعليم محمد وأبي بكر أن الأمان حيث يكون الله.

فهل أنت مستعد لأن تكون “هارونًا” لغيرك؟

لأن العطاء هو الجزء الخفي من قانون السماء:
«مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ».

بقلم
د/ يَحيَىٰ عبد العال عبد العزيز

التعليقات (٢) أضف تعليق

أضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>

  1. ٢
    بارك الله فيك دكتور يحيي وجزاك الله خيرا

    كتابة التعليق

  2. ١
    زائر

    ماشاء الله دكتور يحيي
    بارك الله فيك