ثقافة الاختلاف عند البعض منا تعني أن نتفق في كل شيء. أو نحرض ونجيش على بعضنا البعض. خلقنا الله مختلفي الألوان والأديان والأعراق فلماذا لا تختلف الآراء. ألسنا من نردد دائمًا بأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية وهذا صحيح. هو لم يفسد قضية واحدة أو اثنتين وإنما أفسد كل شيء ولم تعد القضية هي المعنية بهذا الفاسد أو غيره وإنما نحن من نفسد كل شيء .
نتناقش وكل منِّا متربص بالآخر ينتظر زلته وعثرته، هذا إن لم يجد اعتراضاً أو مقاطعة لحديثه. ثم تدور حرب ضروس لا تعلم من الغالب أو المغلوب وكل فيها مغلوب على أمره. أعتقد أنه ينقصنا حسن الاستماع والرد على الأفكار بمثلها وهذه إن لم تكن طبيعة في هذا المحاور أو ذاك فالجميع يستطيع أن يكتسبها من خلال التدريب وليس عيبًا أن تتدارك أخطاءك ولكن عليك أن تؤمن أولاً بأنك مُخطئ.
ما يلفتني هو هذا الجدل العقيم الذي نخرج به دائمًا مهما علا شأن بعض المتحدثين فهو يأتي محملاً بأفكاره الشخصية وهذا حق له ولكنه يريد أن يقنعك بأنَّ عليك أن توافقه وإلا فأنت نسخة أخرى مختلفة وعليك أن تراجع نفسك وكل أفكارك ثم يختم بأن اختلاف الرأي ذهب مع القضية وأفسد كل الود وقطع كل تواصل. لدينا مشكلة أزلية وهي إن لم تجارِ محاورك بالرد على الفكرة بمثلها تذهب مباشرة إلى شخصنة الأمور وتتحول إلى أنت …وهم… ومن أنتم…. وقد تطول القائمة.
هناك مسلمات وليس فيها اجتهاد معين أو رأي ولكن هناك أشياء أخرى كل يستطيع أن يدلي بدلوه فيها. نحن نحتاج أن نسمع بعضنا ونستوعب أفكارنا وننصت ليس لنرد فقط ولكن لنفهم. في هذا الشأن استطيع القول بأنَّ الكيانات والمؤسسات الاجتماعية وهذه شهادة حق سبقت بعض الأفراد المحسوبين هناك وهناك في حرية الرأي وتقبل النقد وخير مثال لذلك مشاهدة أي حوار له علاقة مباشرة بهذا الكيان وتقبل المسؤولين عنه لأي فكرة أو نقد بغض النظر عن النتيجة وشاهد حواراتنا الشخصية في الأمور العامة وستجد أننا أقل بكثير من المأمول.
لدينا عقدة الانتصار ونشوة الفرح بإسكات محاورينا علماً بأن البعض ينسحب احتراماً لذاته ليس إلا. يقال رحم الله من أهدى إلي عيوبي لو كان قائلها يعيش بيننا الآن لقال رحم الله من سكت وأسكت كل المتحدثين المتشنجين من حولي.