برحيل الشاعر حجاب بن نحيت فقدت الساحة الشعبية أحد أبرز روادها الذين أثروها بالقصائد والعطاء الشعري الممتد لأكثر من ٦٠ عاماً، بدأها الطفل البدوي الذي عاش في كنف والده صغيرًا بعد انفصال والدته، بالفن وبزغ نجمه بالأغاني الشعبية وقت ذاك قبل أن يعتزل مجاله الفني بالتسعينيات الميلادية.
ولد الشاعر النبطي حجاب بن عبد الله بن عقاب بن نحيت الحربي في مركز الفوارة بالقصيم بالعام 1944، نشأ في بيئة بدوية فهو ابن القرية التي عرف فيها حياة الشقاء والبعد عن والدته وكان يروي أن والده أخذه صغيرًا لا يعرف قرية والدته لكنه عندما كبر سمع أقاربه يرددون اسم القرية التي تقطنها والدته فذهب مع المسافرين على ظهور المطايا وقفز من الجمل وهرول صوب قريتها والتقى نساء القرية فسأل عن والدته حتى تعرف عليها وكان موقفًا مؤثرًا له .
استلهم من حياة البادية وشحوب الصحراء وقسوتها حب الشعر والأدب فأعطاه الله موهبة الصوت الشجي وملكة الشعر المتدفقة فصدح بصوته العذب وأنشد قصائده الرنانة وتحول معها لفنان شعبي يعزف أوتار العود بموهبة الفنان القادم للساحة بكل حماس بقريحة ملتهبة وصوت عذب رغم تقليدية المجتمع وقتها ورفضه الغناء .
ليعبر الشاب الصغير عن مشاعره في سن مبكرة فذاع صيته في حقبة الثمانينيات الميلادية وسجل أكثر من ١٠٠ أغنية لاقت قبولا وانتشارا وقت ذاك ومن أشهر أغانيه “كلامك صح” فكان متعدد المواهب والأحاسيس لكنه اعتزل الغناء في التسعينيات الميلادية والتزم وابتعد عن الهوى والطرب وانتقل للرياض وقرع أبواب التجارة ونال منها حظوة كبيرة وأصبح من أشهر رجال الأعمال وسخّر حياته بعمل الخير والبذل في الجاه وعتق الرقاب .
ومنذ أربعة أيام أدخل المستشفى بعارض صحي ثم حصل له التهاب رئوي حاد ومنع من الزيارة وأصبح في عزل تام وساءت ظروفه الصحية البارحة وتابعتها “سبق” يوم أمس قبل أن يتوفاه الله اليوم بعد صراع مع المرض لم يمهله طويلًا لتطوى صفحة ناصعة من العطاء والمشاعر، فكان حجاب حاضرًا في قلوب محبيه وهواة الشعر التقليدي الأصيل .