كنت أغُطُّ في نومٍ عميقٍ ولكنني استيقظتُ على صوت ِضجيجٍ قطعَ عليَّ سُباتي .
فتحتُ عينيّ ، وأرهفتُ سمعي ، إنّهُ صوتُ رياحٍ ورعدٍ ولمعاتُ برق وزخّاتُ مطر ..
قمت من فراشي عَجِلةً فقد اشتقتُ جداً للمطر …
نزلتُ مسرعةً إلى الحديقةِ
فتحتُ البابَ وقد سلَبَ لُبّي هذا المطرُ المنهمر .
خرجتُ من فوري ووقفتُ اغتسلَ بغزيرهِ الذي ازداد شدةً وأنا أتلو قوله تعالى في سورة الأنفال
( “وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ )
أخذتُ نفساً عميقاً وأغمضتُ عيني وسمحتُ للمطرِ أن يغْسِلَني من جميعِ ماعلقَ بي من الآلام والأحزان والخوف .
“اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا، اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك، اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به”
باختصار لقد أزال جميعَ المشاعرِ السلبيةِ التي التصقت بي طِوالَ العام ..
.(اللَّهمَّ اسْقِ عِبادَك وبهائمَك، وانشُرْ رحْمتَك، وأَحْيِ بلدَك الميِّتَ)
كانَ شعوراً مليئاً بالبهجةٍ واليقين بالله لايوصف ،
شعرتُ بأن قطراتِ المطرِ تتغلغلُ في رأسي وتدخلُ لتغسِلَ فكري من الداخلِ
وتنزلُ الى عُنُقي وأكتافي ومنها إلى سائرِ جسدي
لتُنَقيني من الداخلِ والخارج ،
لأشعرَ بعدَها بالنشاطِ والارتياح ..
(مُطِرْنَا بفَضْلِ اللَّهِ ورَحْمَتِهِ)
جرِّب هذا الشعورَ وإن لم تتمكن من الوقوفِ تحت المطر فلامانعَ من أن تُجربَ الشعورَ وأنت تستحمُ وتتخيلُ أنّك تقفُ تحت زخاتِ المطر.
فالخيالُ يحققُ لك شيئا كثيراً من الواقع ..
أدِر مِقبضَ الماء إلى أبرد شئٍ يستحمله جسدك ، واستشعر الماءَ المتدفقِ يغسِلُك من رأسِك حتى قدميك .
ويُنقيك من جميعِ ماعلِقَ بك من آثار الزمانِ وتراكماتِه …
جرِّب ولو في الخيال …
وحاول أن يكونَ شعورك حاضراً أثناء التجربة واستمتع فلايوجدُ شيئاً أجمل من انهمارِ ماء المطر .