مهنة المعلم هي المهنة الأكثر معنى وأكثرها خلداً في تاريخ البشرية، لأنها تتعامل بشكل أساسي مع العقل الإنساني، الذي يُعتبر أشرف وأكبر النعم التي وهبها الله إياها. فإن مهنة المعلم وسيلة التي يكون منتجها إنسان وتقودنا إلى هدفنا الأسمى. هناك العديد من المهن في المجتمع، ولكن المعلم من بينهم هو الأكثر قداسة وأقدرهم.. الأطباء والمهندسين والقضاة والمدعين العامين والمعمارين وكل المهن الاخرى يخرجون من بين يد معلم، فبدون المعلم لا يمكن وضع أسس متينة لتعليم المجتمع. المعلم مثل المعماري، فالمعماري يرفع المبنى ببطء، وكذلك المعلم يرفع طالبه ببطء، فيبدأ برمي أساس طالبه ثم يزيده تدريجياً، يحول طالبه من نيء إلى ناضج.
فالمعلم شخص صبور للغاية، فهو لا يُلقي العلمَ فقط، بل يلقيه مع التضحية والصبر والفداء، يقابل طلابه بسعة الصدر والرحمة والحنان إذا بطئت سرعة طالب في وقت ما فالمعلم هو من يمسك به ويدفعه ويقول له “هيا حاول مرة أخرى” وكلما أخطأ الطالب يصحح معلمه من وراءه بصبر. فالمعلم يعطي السعادة والمرح لطلابه وهو سبب نجاحهم الصدق هو الشيء الأكثر أهمية في الحياة وفي قلب الناس، فهذا هو المعلم الذي يُعلّم هذا الشيء الممتاز. المعلم يبذل كل جهده لتعليم طلابه، يعطي طلابه أهمية غالية مثل الأب والام، كل ما يريده هو نجاح طلابه.
قبل كل شيء المعلم يقدم كل تجاربه ووجهة نظره لطلابه، فمثلاً أنا تعرفت على مئة معلم ومعلمة في حياتي التعليمية من ثمانية عشر سنة، كلهم أعطوني وجهات نظرهم المختلفة مع العديد من التجارب، فبدأت بالنظر إلى الحياة بوجهات نظر مختلفة. كما أنه بدوره يمثل القدوة الحسنة التي يُهتدى به، فالمعلم يتحمل وظيفة تربية الأفراد في المجتمع كي يفكروا تفكيراً سليماً، وتحقيقا للمصلحة العامة للأفراد. فيتم تطوير البلدان المتقدمة فقط من قِبل الأفراد المتعلمين، والمعلم هو الذي يحقق هذا. الاستثمار الأكثر دقة والأكثر ربحًا في الحياة في كل عصر استثمار الإنسان. عندما تتربّى البشريةَ على الأسس الراسخة فيكون وجود الحياة التي نحن فيها آمناً وسعيدا وجميلاً، فهذا يكون بوجود المعلمين.. فالمعلمون هم الحياة والاساس في صناعة الانسان
فبمجيئه انتهى عصر الجاهلية تماماً وبدأ عصر النور والمعرفة.
الكاتب/ عبدالرحمن أيوب