أصبحت المؤسسات غير الربحية واحدة من أهم المؤسسات التي تسهم في تحقيق الأهداف المرتبطة بتطوير المجتمعات وتنميتها، وقد حظيت هذه المؤسسات باهتمام واسع من قبل الحكومات في الكثير من الدول حول العالم وخاصةً المتقدمة منها، مما أدى إلى منحها الكثير من الصلاحيات لتمكينها من أداء مهامها وأدوارها بالشكل الفعال.
وتتمتع المؤسسات غير الربحية بقدرة عالية على التعرف على احتياجات المجتمعات والكشف عن المشاكل التي تعاني منها، مما يؤدي إلى زيادة كفاءتها في التعامل مع هذه الاحتياجات والمشاكل وإيجاد الحلول المناسبة لها مما يؤدي إلى تحقيق التنمية التي تسعى المجتمعات إلى تحقيقها من خلال الاستفادة المثلى من الموارد المتاحة لها والتي يتم توفيرها من خلال الحكومات وغيرها من المؤسسات الدولية غير الربحية.
وقد ساد المجتمعات في الآونة الأخيرة اهتمام كبير بتقديم الدعم لأصحاب المشاريع والمؤسسات غير الربحية، وذلك بهدف توفير كافة التسهيلات التي من شأنها أن تساعد هذه المؤسسات والمشاريع على تحقيق أهدافها المتلائمة مع الأهداف التنموية التي تسعى المجتمعات إلى تحقيقها.
ولا شك أن الدعم الذي تحصل عليه المؤسسات غير الربحية سواء كان على شكل استشارات أم خدمات في المجالات الإدارية أو المالية أو القانونية له دور بالغ الأهمية في مساعدة هذه المؤسسات على تحسين مستويات أدائها وتطويرها، وذلك لكون هذه الخدمات والاستشارات مهمة في توجيه القائمين على هذه المؤسسات إلى القرارات المناسبة فيما يتعلق بمواجهة التحديات والعقبات التي تواجه مؤسساتهم، وبالتالي فإن هذا الدعم يسهم في تحقيق الاستمرار للمؤسسات غير الربحية وتحسين فرص تطورها في المستقبل.
وقد ظهرت في السنوات الأخيرة مؤسسات تهدف إلى تقديم المساعدات والخدمات للمؤسسات غير الربحية وخاصةً الناشئة منها، عرفت هذه المؤسسات باسم حاضنات الأعمال الإنسانية، والتي تسعى إلى توفير كافة الإمكانات التي من شأنها أن تيسر عملية تأسيس وتطور المؤسسات غير الربحية الناشئة ومساعدة القائمين عليها في إيجاد الأساليب الإدارية والموارد التي تسهل عملها ونموها بدايةً من تأسيسها ووصولًا إلى تطويرها في المستقبل.
تعمل حاضنات الأعمال على إطلاق مجموعة متنوعة من الأنشطة والمشاريع التي يتم إشراك القائمين على المؤسسات الخيرية الناشئة فيها، وذلك لتوفير بيئة تعاونية يشارك فيها رواد الأعمال *الخيِّرون* ويكتسبون من خلالها العديد من المهارات التي تؤهلهم للاستفادة من الفرص التي تتوفر في المجتمع وتوظيفها من أجل تحقيق أهداف المؤسسة، كما تعمل هذه الحاضنات على مساعدة هؤلاء الرواد في إقامة شبكة واسعة من العلاقات مع المؤسسات الخيرية الأخرى، بالإضافة إلى تقديم دعم مالي وتوفير الموارد الأساسية التي تحتاجها المؤسسة في أنشطتها ومشاريعها المستقبلية.
وتتمثل أهمية حاضنات الأعمال في أنها توفر فرصة حقيقية للمؤسسات الخيرية وغير الربحية من أجل التطور والنمو بصورة آمنة وخاصةً في بداية نشاطها في الأشهر أو السنوات الأولى، كما أن هذه الحاضنات توفر مساحة مناسبة للمؤسسات الناشئة تحتوي على الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى توفير تدريب عملي وواقعي على الإدارة، ومساعدة المؤسسات الخيرية وغير الربحية في مهام متعددة مثل التسويق وكذلك الوصول إلى المؤسسات التمويلية.
وتسهم حاضنات الأعمال في توفير بيئة عمل مناسبة تتضمن العديد من الخدمات الأساسية مثل الخدمات المالية والإدارية والإعلامية والرقابية التي تساعد المؤسسات الناشئة على اتخاذ القرارات المناسبة والصحيحة التي تسهم في تحقيق أهدافها القصيرة والطويلة الأجل، ومن المؤكد أن الخدمات المتنوعة التي تقدمها حاضنات الأعمال تلعب دورًا بالغ الأهمية في مساعدة المؤسسات الخيرية وغير الربحية على مواكبة المستجدات في بيئات الأعمال الخيرية والأعمال التنموية مما يساعدها على البقاء في موقع الريادة والتميز في المجتمع، وذلك من خلال إعداد الدراسات والبحوث الميدانية وإعداد مقترحات المشاريع التي تتناسب مع طبيعة عمل المؤسسة واحتياجات المجتمع.
وفي ضوء ما سبق يمكن أن نستنتج أهمية حاضنات الأعمال للمؤسسات الخيرية وغير الربحية وأنها قد أصبحت ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها من أجل تدعيم قطاع الأعمال الخيرية وغير الربحية وخاصةً المؤسسات الناشئة التي تحتاج إلى دعم في ممارساتها وخبراتها، وذلك من أجل بناء قطاع خيري قوي وقادر على تلبية احتياجات المجتمع التنموية والتعامل مع المشاكل والتحديات التي يواجهها في مختلف القطاعات والمجالات، *ومن هنا فإن من المناسب أن يوجد تحفيز لرجال الأعمال وذوي الكفاءات من النخب الوطنية من قبل جهات الاختصاص لإنشاء حاضنات أعمال بتسهيل إجراءات الترخيص لها ودعمها، ومد جسور للتواصل بينها وبين المؤسسات الناشئة وغيرها للاستفادة من البرامج والخدمات التي تقدمها حاضنات الأعمال، وذلك من خلال سن أنظمة وقوانين تنظم وترتب إجراءات ومتطلبات إنشاء حاضنات الأعمال من جهة، وتضبط العلاقة بينها وبين غيرها من المؤسسات والجمعيات غير الربحية من جهة أخرى.*
المشاهدات : 195640
التعليقات: 2
جزاكم الله خير الجزاء بهذه الكلمات الصادقة الهادية لطريق الخير والصلاح في ظل التقوى والإيمان
جزاك الله خيرا