بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق للناس كافة وأتم به النعمةوتمم به مكارم الاخلاق فمدحه سبحانه وتعالى بخلقه العظيم فقال تعالى ((وإنك لعلى خلق عظيم)) الاية والعرب قبل الإسلام لديهم من مكارم الاخلاق الشيء العجيب والكثير والذي ايده الإسلام ورسخه وحبب فيه وحث عليه وجعل عليه اجراً وثواباً وحسنات لمن أحتسب ذلك وهو مؤمن قال صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) ولأن عضوين من أعضاء الإنسان هما عنواني خلق الانسان وعنصريه فإما خلقاً كريماً او لئيماً ولذلك قال عليه الصلاة والسلام (من يضمن لي مابين لحييه ومابين رجليه أضمن له الجنة) والمناسبة هو أن أرجى مايدخل الرجل الجنةحسن الخلق لقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عما يدخل الرجل الجنة فقال (تقوى الله وحسن الخلق) ومن هنااصبح حرص المسلم على سلامة ما بين لحييه وهو لسانه ومابين رجليه يعني فرجه ميزاناً لخلقه إذ سلامتهما من الاذى والفجور سلامة له من الاثام والشرور فاللسان ابوالآفات ومهلك الجماعات مالم يُعقل ويصان عن قول الرزايا والملمات فضحايا اللسان على مر التاريخ أكثر من أن تعد أوتحصى فقد فرق الأقارب وسبب الحروب والمصايب خلق العدوات وأرث الحزازات واللسان كالحصان الجموح إن تركته يصول ويجول اوردك الا معقول وإن شديت العنان واريته طريق الأمان نجوت ونجى فأي عدو أشد منه واي صديق ألين منه بجهره ونجواه وهمزه ولمزه وبغضه وحبه وهجاه ومدحه وغيبته وصمته ونميمته وإصلاحه فأختر لك وللسانك ماتريد فهو فالنهايةعليك شهيد واللسان وماينطق ويتفوه به هو الدليل القاطع والشاهد العدل على حسن الخلق أو سوءه قال الله تعالى (وهدوا الي الطيب من القول)الأية أولئك المؤمنين الذي يختارون احسن الألفاظ وأطيبهاويحسنون اللباقةفي القول ويجيدون مراعاة مشاعر الاخرين عند التحدث ولا ينساقون الي الجدال العقيم الذي يفضي احياناً الي الخطأ والوقوع في المحذور من سقط الكلام وسفاسفه المؤثر على النفوس تأثيراً مباشراً اوغير مباشر إن كان كذباً فالكذب من كبائر الذنوب ونتائجه وخيمة وإن كان صدقاً وقيل في غير مناسبة أوقصد به الإغاضة والتندر او الاستهزاء او التقليل من قيمة المتلقي او السامع فهذا لاشك بأنه يقدح بالخلق ويعرّي من إحترام الذات وبالتالي أحترام الاخرين ونتائجه تتنافا مع الخلق القويم الذي أمرنا به ديننا الحنيف .
أماالفرج وماادراك مالفرج فكلنا يعلم مصائبه ومبتغاه لو ترك على هواه ولم يلجم بلجام الدين والخوف من الله تعالى فمن حصنه أفلح ونجى ومن أختار له النتن ضل وأفتتن فأي الفريقين لإربه أملك وأيهم لنفسه أهلك فمن ارتادالحشوش عوّدنفسه على استحسان إتيان الخبائث متجرداً من وازع الدين والحياء والخلق النبيل ، فهل من كرامة وحسن خلق لهذا وقد اختار الخبيث النتن على الطيب الطاهر ولهذا وذاك خص النبي صلى الله عليه وسلم اللسان والفرج بالتحذير من إطلاق العنان لهما وأمر بتقييدهما وحكرهما على محاسن ومكارم القول والعمل والطهر والعفاف والحذاقة وجبر النفس على معارضة رغبتهما اذا رغبا في الخروج عن الطريق السوي المستقيم المألوف الي طريق بالأخطار المحدقة محفوف والمؤدي لهلاك ليس منه فكاك .
والكلام عن محاسن ومكارم الاخلاق يطول سرده جمعه وفرده فهي عديدة قديمة وجديدة لايكاد يخلو منها زمان ولا مكان يوفق لها كثيرون ويحرم منها أخرون وكذلك الحال بمساويها فما من خلق حسن وكريم الا وله ند وضد ونظير من خلق سيء ولئيم فالكرم نظيره البخل و الشجاعة بالحق نظيرها الجبن والصدق ضده الكذب والابتسامة والبشاشة يقابلها التقطيب والعبوس والبر نده العقوق والوصل نده القطع والاحسان الي الجارنده ألإيذاء ، ومن مكارم الاخلاق التي معلوم ضدهاإكرام الضيف إغاثة الملهوف قضاء الحوائج الصدقة على المحتاج الحنو على الضعيف والفقير والمسكين كفالة اليتيم كف الاذى إصلاح ذات البين الوفاء بالعهد الصدق بالوعد وكل قول او عمل مباح وطيب وحسن ومفيد يعد من مكارم الاخلاق ومحاسنها تلك التي بنفعها وجمالها وعطائها ومردودها وحب الناس لها يمكن تمثيلها وتشبيهها بالنخيل المثمرة والأكاليل المزهرة والسحب الممطرة والرياح المبشرة والوجوه المسفرة وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على كل خلق كريم وتعوذ من كل خلق لئيم وأرشد أمته لذلك فقال صلى الله عليه وسلم وهو الذي لاينطق عن الهوى( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ومن العجز والكسل ومن البخل والجبن ومن غلبة الدين وقهر الرجال) أو قال(ضلع الدين وغلبة الرجال) أوكما قال صلى الله عليه وسلم وفي حديث أخر (إن من خياركم احاسنكم اخلاقا ً) وقال(إن من احبكم الي احسنكم اخلاقاً الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون وان ابغضكم الي المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الاحبة الملتمسون للبراء العنت) وفي حديث آخر الثرثارون المتفيهقون المتشدقون وقال ايضاً (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) او كما قال صلى الله عليه وسلم .
والأقوال المأثورة في هذا الموضوع موفورة وفي أمهات الكتب محفوظة وفي الاذهان والذاكرة محفورة .
قال الشاعر أحمد شوقي :
وإنما الامم الاخلاق مابقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
فماهو الإنسان إن لم يتخلّق بأخلاق حسنة ومنطق ليّن لطيف ووجه نيّر بشوش ولسان صدوق ويد سحاء ممدودة بالخير والعطاء ورد الجميل والوفاء والمزيد من هذه الصفات وليس الإكتفاء ، على قدر الأستطاعة والجدة فلا أحد يعطي مما ليس بيده قال الله تعالى(فأتقوا الله مااستطعتم) وقال تعالى (لايكلف الله نفساً الا وسعها ) الآية .
سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت(كان خلقه القرآن) .
جعلنا الله تعالى جميعاً ممن اتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم فجعل خلقه القران فأي خلق غير هذا يبتغى وأي مردود غير مردوده يرتجى والحمدلله وكفى وصلاة وسلام على النبي المصطفى .
كتبه/بقيش سليمان الشعباني
الخرج ١٤٤٥/٢/١١ هه
المشاهدات : 73292
1 تعليق
كتابة التعليق