يكمن جمال العلاقات الإنسانية في نقائها، وهل هناك ما هو أجمل من النقاء؟ ذاك النقاء هو البياض الذي لا يخلف إلا صفاءً وبهاءً، يشع نوره من ملامح وأفعال المتصفين به.
الحياة لا تستمر دون تعارف وتواصل بين الأفراد والجماعات. فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي لا يستطيع العيش في عزلة. الروح تأنس بالألفة، والعلاقات تزداد قوة كلما تواصل الإنسان مع من حوله. لكن مع تنوع العلاقات وتعدد المواقف اليومية، نجد أنفسنا أمام خليط من المشاعر والسلوكيات: حب، رضا، غضب، صدق، كذب، خوف، أو خذلان. وهنا تأتي الحاجة إلى التحلي بتلك القيمة النبيلة التي تضبط مسار التعاملات البشرية: صفاء النية.
تأمل ذلك الصديق الذي يقدم لك المساعدة دون انتظار مقابل، أو ذلك الجار الذي يبادر بالسؤال عنك في غيابك بصدق خالص. مثل هذه النماذج تمثل قلوبًا صافية تشع حبًا وخيرًا، وتُشعرنا بجمال النوايا الطيبة. في المقابل، كم من علاقات انهارت بسبب سوء النية والشك المتبادل؟ كأن يساء الظن بشخص ينوي الخير، أو تُفسر أفعاله بشكل مغلوط نتيجة أفكار سلبية تملأ القلوب.
صفاء النية ليس مجرد فضيلة أخلاقية، بل عبادة عظيمة يؤجر عليها الإنسان. جاء في صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: *”إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.”* (رواه البخاري، حديث رقم 1).
فلماذا إذن نظن السوء بالآخرين؟ لماذا نسعى لإظهار الأسوأ في تعاملاتنا؟ ألم يدرك أصحاب النوايا السيئة أن العناية الإلهية تحف القلوب الصافية، مهما صادفوا من صعاب وآلام؟
سوء النية لا يؤذي الآخرين فقط، بل يضر بصاحبه أولاً. فهو من صفات المنافقين الذين يظهرون السلام ويخفون الحقد والكره. إضافة إلى ذلك، فإن سوء النية يولد اعتلالات نفسية تهدد راحة صاحبه، مما يفسد عليه حياته.
ما الثمرة المرجوة من سوء النية؟ هل ستمنحك النتائج التي تطمح إليها؟ أم أنها ستؤدي إلى نفور الآخرين منك؟ عش بقلبٍ نقي، بنية بيضاء طاهرة، واجعل من صفاء نيتك عنوانًا لحياتك. بذلك تنال رضا الله وسعادة الدارين، وتترك في قلوب الآخرين نورًا لا يخبو.
الكاتبة/زايده حقوي
جازان
١٩/٦/١٤٤٦