بعض الرجال مازالت تضيق صدورهم و يجدون صعوبة في تقبل أن تتولى الأنثى مناصب قيادية كرئيسة دولة أو وزيرة أو حتى مديرة, مع أن هنالك تجارب سابقة وناجحة لقيادة الأنثى كبلقيس ملكة سبأ وشجرة الدر والبنقالية الشيخة حسينية رئيسة وزراء بنقلاديش.
والأمثلة كثيرة ويطول ذكرها إلا أن البعض لا يعترف بذلك ولا يقر به وقد يكون السبب أن الرجل لديه قناعة أمن بها واستطاع تمريرها للأنثى بأنه الأفضل والمتسيد دائماً وأنها ليست إلا مساعدة أو تابعة له مع أنها شريكة ونصف يكمل نصفاً آخر..
كما أن الرجال منذ الأزل كاتمين بلوف السيدات فهم من يكتبون التاريخ ومن يملون الدساتير ومن يفصلون كل شيء على هواهم ، كل ذلك بسبب قدراتهم الجسدية ولقلة إنشغالهم فليس هنالك حمل ولا ولادة ولا رضاعة ، ولم يكتفو بذلك فقط بل اشبعوا النساء نقدًا وتهوينا حتى أن غالبيتهن ركن لهذا الأمر وآمن به لدرجة أن إحداهن قد تمدح أخرى وتقول بأنها ( حرمه بوزن رجال).!!
أقول قولي هذا وأدعوا معشر الذكور المتذمرين من مناصب المرأه أن ينظروا إلى عالم الحيوان وأن يتعلموا منه فالحيوان – كان ومازال – مدرسة نتعلم منها منذ أن أرسل الله الغراب لقابيل ليريه كيف يواري جثة هابيل .
أدعوهم للإطلاع على عالم الفيلة التي لا تُولي فيه منصب القيادة إلا لـ(أنثى) وأذكر قبل أيام شاهدت فلماً وثائقياً عن قطيع من الفيلة الهندية ، حيث كانت تسير وفي مقدمتها قائدتها الكبيرة وتأملت سلوكها ولفت نظري اهتمامها بقطيعها حيث تقوده بحكم خبرتها إلى دروب الحشائش وتظل تتلفت يميناً وشمالاً كل ذلك للاطمئنان على سلامة القطيع ، وتحرص على تغذيتهم فتطيح بهامات الشجر وتدلي بعاليات الغصون ليأكل منها بناتها وأولادها وأعضاء قروبها .
وما أن تتأكد بأنهم شبعوا حتى تبدأ باللعب معهم في برك الطين ، وترش بالماء على الدغافيل الصغيرة وتظل تداعبهم حباً وكرامة يوازيه حزماً وصرامة فهي لا تتوانى لحظة في دحض ذكور الفيلة الذين يلعبون بذيولهم كل ذلك للتخلص من مصادر الضوضاء والقلق وللحفاظ على لحمة القطيع وتماسكه..!!
وكانت دهشتي عظيمة عندما وصلوا إلى جسر قديم يعبر فوق أحد الأنهار فتوقف القطيع وتراجع لتتقدم شيختهم (بنت أبوها) وتطأ عليه بقدمها لتتحسسه ثم استدارت ناحيه القطيع ووجهت مؤخرتها باتجاه الجسر ثم داست بقدمها الخلفية الجسر لتتأكد من صلابته وسلامة العبور عليه , وما أن اطمأنت حتى استدارت وعبرت بمفردها للضفة الأخرى لتشير بعدها للقطيع للعبور بسلام، واي قيادة وأي تضحية قدمتها ، وبكل صدق و أمانة أليست تلك الفيلة النبيلة قائدة تملأ العين..!!